العولمة والهوية الثقافية Fundamentals Explained



أعقبت الحرب العالمية الثانية تغيُّرات جذرية في العالم. وما زالت عجلة التغيير في حراك متسارع، برز معه, وبشكل واضح وفعّال, الدور الكبير الذي تلعبه الثقافة في تعزيز الاستراتيجيات الدوليّة التي تهدف إلى توسيع نطاق الخطط الاستثمارية والصناعية، إلى جانب تشييد الهويّة الدوليّة الخاصة التي تتشكّل في الأذهان بفضل التفوّق العالمي في الإنتاج الصناعي أو الثقافي.

ونهجنا في هذا البحث المنهج الاستقرائي موصولاً بالمنهج التحليلي، حيث استقرأنا تعاريف العولمة والهوية وآثار العولمة على الهوية، موصولاً بالمنهج التحليلي لدراسة ذلك والخرج بنتائج البحث.

في مقالنا هذا المختصر سوف لن نستفيض في الإجابة على هذه التساؤلات، فقط سنلقي بعض الأضواء نعتبرها أساسية في كل بحث في هذا المجال الفكري والفلسفي. ففي البداية لا بد أن نشير إلى أن الهوية الثقافية، هي مجموعة من السمات والخصائص التي تنفرد بها شخصية مجتمع ما، وتجعلها متميزة عن غيرها من الهويات الثقافية لمجتمعات أخرى، وتتمثَّل تلك الخصائص في اللغة والدين والتاريخ والتراث والعادات وغيرها من القيم الثقافية المختلفة (العقائدية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية)، والتي تشكِّل في مجموعها صورة متكاملة عن ثقافة هذا المجتمع.

أصف مظاهر رفض ثقافة العولمة؛ ثم أعبر عن موقفي بشأن ذلك .

ذلك أن قدرة العولمة الثقافية في فرض وجودها واستمرارها لن يتحقق ما لم تراع هذه العولمة خصوصية ثقافات المجتمعات، ومراعاة تاريخ الشعوب وحقوقهم الثقافية.

د . غزال بنت محمد الحربي - باحثة دكتوراه في الأدب والترجمة - أمريكا

ومن هنا كان هناك مَنْ يدعو إلى العولمة والأخذ بها، وفريق آخر يحذِّر من خطرها على هويتنا وثقافتنا والبعد عنها.

إن نجاح أي بلد من البلدان النامية في الحفاظ على الهوية والدفاع عن الخصوصية، مشروط بمدى عمق عملية الانخراط الواعي العولمة والهوية الثقافية في عصر العلم والتكنولوجيا، والوسيلة في كل ذلك هي اعتماد الإمكانيات التي توفرها العولمة نفسها، أعني الجوانب الإيجابية منها.

من بين اتجاهات العولمة، الاتجاه الثقافي الذي تندثر بمقتضاه الخصوصيات الثقافية وأنماط الاستهلاك أمام نقل الثقافات والأفكار إلى المستوى العالمي، مما يسمح ببروز مفاهيم إنسانية مشتركة عابرة لكل المناطق، وبالتالي فهدف العولمة الثقافية ليس هو خلق ثقافة عالمية واحدة بل هو خلق عالم بلا حدود ثقافية، لكن من الملاحظ أن الثقافات الوطنية أصبحت تنصهر في ثقافة العولمة بهدف ترسيخ نمط ثقافي معولم (النمط الغربي) تهيمن عليه قيم المجتمعات الأكثر تقدما، ومن جوانب تأثير العولمة الثقافية على ثقافة المجتمعات (الهوية الوطنية)، هناك:

في زمن الصراع الإيديولوجي كانت وسيلة تشكيل الوعي هي الإيديولوجيا، أما في زمن الاختراق الثقافي فوسيلة السيطرة على الإدراك هي الصورة السمعية البصرية التي تسعى إلى “تسطيح الوعي”، إلى جعله يرتبط بما يجري على السطح من صور ومشاهد ذات طابع إعلامي إشهاري، مثير للإدراك، مستفز للانفعال، حاجب للعقل…

الهيمنة الاقتصادية – الممسكة بزمام التكنولوجيا – يخدم مصالحها – يبقى على تفوقها – تحرير الأسواق – منافسة غير متكافئة – القطب الاقتصادي المهيمن – نسخا متكررة ...

يعتبر الكاتب القرن الواحد والعشرين هو مرحلة للهيمنة الاقتصادية، فالدول المتقدمة تسعى إلى الحفاظ على تقدمها وهيمنتها من خلال توجيه الاستهلاك والتحكم في الأسواق مما يعنى أن الدول الضعيفة ستكون أمام خطر فقدان السيطرة على اقتصادها، وقد حصر الباحثون آثار العولمة في تهميش كل ما هو مرتبط بالثقافة والهوية من لغة وإبداع فني وإنتاج وطني وتحويل الإنسان إلى نسخ متشابهة تفكر وتستهلك بنفس الطريقة.

من خلال هذه الدراسة حاولنا الإجابة عن عدة أسئلة كان من أهمها:

لست مجبرًا أن أكون أميركيًّا أو فرنسيًّا، أو غير ذلك؛ بل يجب أن أحافظ على هويتي وثقافتي وعاداتي وأخلاقي، مع الاستفادة بالطفرة العلمية الناتجة عن العولمة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *